في إحدى المدن أُعلن عن مسابقة للرسم. كان على كل رسام أن يرسم امرأة جميلة، وستوضع اللوحات في الساحة الرئيسية للمدينة، واللوحة الفائزة التي تنال على إعجاب أكبر عدد من الناس سوف يكلل صاحبها بإكليل غار.
عندما تم الإعلان عن هذه المسابقة، لم يشك أحد في المدينة بأن الفائز سيكون الرسام المسن الأكثر شهرة في أرجاء البلاد، ولكن الشخ ص الوحيد الذي كان يشك بفوزه هو نفسه ذلك الرسام المسن لأنه يعرف بقرارة نفسه بالموهبة الفذة لتلميذه الرسام الشاب. ولهذا السبب قرر أن يبحث في أرجاء الأرض عن امرأة بارعة الجمال بإمكانها أن تدهش العالم بأسره.
بدأ الرسام المسن رحلته، وفي أطراف المدينة وحول منزل صغير رأى شاباً وسيماً، إنه تلميذه الموهوب الذي يحبه. بسرور رحب التلميذ الشاب بأستاذه:
مرحباً، أستاذي العزيز، إلى أين أنت ذاهب في هذا الوقت المبكر؟
وقت مبكر؟ ألم تسمع بإعلان مسابقة الرسم؟
نعم سمعت.
ألا ترغب بأن تشارك فيها؟
بالطبع، أعرف أن المعركة ستكون صعبة بوجود منافس مثلك أستاذي العزيز، ولكن على الرسام ألا يخاف من أي منافسة.
هل بدأت البحث عن امرأة بارعة الجمال لترسمها؟
ابتسم الشاب وأجاب بفرح:
لقد وجدتها.
أين وجدتها؟
ها هي! أشار الشاب إلى خطيبته التي كانت تقف حول المنزل واسمها زوركا.
شعر الأستاذ بالأسى اتجاه تلميذه وقال له:< br />
بني، لا شك وأن خطيبتك عزيزة عليك، أنا لا أجادل في هذا الأمر، ولكن ألا تعتقد بأنه من المحبذ أن تكون المرأة التي ترسمها أكثر جمالاً؟!
نعم، أعتقد ذلك. ليس في الكون من هو أجمل من زوركا.
شك الرسام العجوز وقال لنفسه: ربما يكون على حق! أمعن النظر بها، ثم أمعن النظر مرة ثانية، ولكنه لم يجدها إلا فتاة عادية ليس فيها ما هو مميز.
"كم العشاق عميان" قال لنفسه. لم يستطع أن يتمالك نفسه من الضحك ، ولكنه رسم الجدية على وجهه وقال:
ربما تكون على حق. أنت محظوظ أنك وجدتها قريبة منك، أما أنا فعلي البحث طويلاً وبعيداً.
سار في طريقه وهو يقول لنفسه: "منافسي القوي الوحيد، قد أعمى عيونه الحب".
تابع الرسام المسن رحلته، جاب المدن والقرى، عبر الجزر، زار الكنائس وأماكن العبادة، البيوت الفقيرة والقصور، ولكنه لم يعثر بعد على ما يبحث عنه. لقد صادف وأن رأى امرأة رائعة الجمال، توقف وقال: "ربما تكون هي". ولكنه وخلال دقائق قال: "لست متأكداً، هذا يعني أنها ليس هي!". مرت أشهر حتى وصل إلى جبل قرب بح ر، وهناك قابل امرأة لم يعرف التاريخ أجمل منها، وفوراً وبدون شك أو تردد قال: "إنها هي".
مرت سنة. تجمع الناس في الساحة الرئيسية للمدينة، حيث وضعت لوحتان كبيرتان مغلقتان بالقماش.
حول إحدى اللوحتين وقف الرسام المسن الأكثر شهرة في البلاد، وحول الثانية وقف تلميذه. نظر الحشد بحب إلى وجه الرسام العجوز الواثق والهادئ، وبسخرية وشفقة إلى وجه الشاب المضطرب.
أسدل الستار عن لوحة الرسام المسن. خيّم الصمت الرهيب في الساحة. دُهش الناس بالمرأة بارعة الجمال والتي شع جمالها في الساحة كنور الشمس الساطع. وما لبث وأن خيّم جو رمادي ومكفهر في الساحة، فالنساء خبأن وجوههن خجلاً، ونظر الرجال إليهن وكل واحد منهم كان يقول في نفسه: "كيف أعجبت بذلك الوجه العادي وتلك العيون الحائرة وغير المعبّرة؟!". نظر راعٍ عجوز إلى زوجته المسنة وكانت سمينة ووجهها أحمر ومجعد وفكر قائلاً: "مع هذه المرأة عشت كل العمر!". وهكذا ظل الناس طويلاً يتأملون بحزن جمال المرأة التي رسمها الرسام المسن.
أُسدل الستار عن اللوحة الثانية. لم يصدّق الناس ما تراه عيونهم، لم يصدقوا مدى وقاحة ذلك الشاب. لقد رسم في لوحته زوركا. نعم، زوركا!. تلك الصبية التي تذهب في الصباح للبازار لتبيع سمكاً وخضاراً، زوركا التي تعمل ظهراً في حديقة بيتها وفي المساء تحلب العنزة!، ومع هذا كله فهي نقف بجانب تلك المرأة رائعة الجمال! هاج الناس وصاح أحدهم: "اضربوه!". الكل صاح وضاج.
فجأة اختفت الضجة وساد الهدوء. قال شاب لآخر:
أتعرف، لم ألاحظ أبداً من قبل بأن زوركا رائعة بهذا الشكل".
أحاب الآخر:
"غريب!، حتى أنني لا أستطيع أن أزيح نظري عنها".
كانت زوركا في اللوحة تنظر إلى الناس وابتسامة عامرة بالفرح تلعب على شفتيها، كان كل ما فيها يشع بالفرح والسعادة وكأن حبيبها، وبشكل لا ريب فيه، يقترب منها ويهمس لها: "زوركا، أحبك!".
تأمّل الناس طويلاً في اللوحة. نسوا بأنها زوركا التي تبيع في البازار، لم يلاحظوا بأنها عادية الجمال وليس فيها شيئاً مميزاً. بل تذكر كل منهم أجمل لحظة في حياته، وهي اللحظة التي نظر فيها حبيبه إليه تماماً نفس النظرة التي ترتسم على وجه زوركا الآن "عيون مشرقة في وجه من يحب". سطع النو ر من جديد في الساحة، نظر الراعٍ العجوز إلى زوجته ذات الوجه الأحمر والمتجعد، ابتسم لها بحب وكان أول من صاح في الساحة:
إكليل الغار....للرسام الشاب
عندما تم الإعلان عن هذه المسابقة، لم يشك أحد في المدينة بأن الفائز سيكون الرسام المسن الأكثر شهرة في أرجاء البلاد، ولكن الشخ ص الوحيد الذي كان يشك بفوزه هو نفسه ذلك الرسام المسن لأنه يعرف بقرارة نفسه بالموهبة الفذة لتلميذه الرسام الشاب. ولهذا السبب قرر أن يبحث في أرجاء الأرض عن امرأة بارعة الجمال بإمكانها أن تدهش العالم بأسره.
بدأ الرسام المسن رحلته، وفي أطراف المدينة وحول منزل صغير رأى شاباً وسيماً، إنه تلميذه الموهوب الذي يحبه. بسرور رحب التلميذ الشاب بأستاذه:
مرحباً، أستاذي العزيز، إلى أين أنت ذاهب في هذا الوقت المبكر؟
وقت مبكر؟ ألم تسمع بإعلان مسابقة الرسم؟
نعم سمعت.
ألا ترغب بأن تشارك فيها؟
بالطبع، أعرف أن المعركة ستكون صعبة بوجود منافس مثلك أستاذي العزيز، ولكن على الرسام ألا يخاف من أي منافسة.
هل بدأت البحث عن امرأة بارعة الجمال لترسمها؟
ابتسم الشاب وأجاب بفرح:
لقد وجدتها.
أين وجدتها؟
ها هي! أشار الشاب إلى خطيبته التي كانت تقف حول المنزل واسمها زوركا.
شعر الأستاذ بالأسى اتجاه تلميذه وقال له:< br />
بني، لا شك وأن خطيبتك عزيزة عليك، أنا لا أجادل في هذا الأمر، ولكن ألا تعتقد بأنه من المحبذ أن تكون المرأة التي ترسمها أكثر جمالاً؟!
نعم، أعتقد ذلك. ليس في الكون من هو أجمل من زوركا.
شك الرسام العجوز وقال لنفسه: ربما يكون على حق! أمعن النظر بها، ثم أمعن النظر مرة ثانية، ولكنه لم يجدها إلا فتاة عادية ليس فيها ما هو مميز.
"كم العشاق عميان" قال لنفسه. لم يستطع أن يتمالك نفسه من الضحك ، ولكنه رسم الجدية على وجهه وقال:
ربما تكون على حق. أنت محظوظ أنك وجدتها قريبة منك، أما أنا فعلي البحث طويلاً وبعيداً.
سار في طريقه وهو يقول لنفسه: "منافسي القوي الوحيد، قد أعمى عيونه الحب".
تابع الرسام المسن رحلته، جاب المدن والقرى، عبر الجزر، زار الكنائس وأماكن العبادة، البيوت الفقيرة والقصور، ولكنه لم يعثر بعد على ما يبحث عنه. لقد صادف وأن رأى امرأة رائعة الجمال، توقف وقال: "ربما تكون هي". ولكنه وخلال دقائق قال: "لست متأكداً، هذا يعني أنها ليس هي!". مرت أشهر حتى وصل إلى جبل قرب بح ر، وهناك قابل امرأة لم يعرف التاريخ أجمل منها، وفوراً وبدون شك أو تردد قال: "إنها هي".
مرت سنة. تجمع الناس في الساحة الرئيسية للمدينة، حيث وضعت لوحتان كبيرتان مغلقتان بالقماش.
حول إحدى اللوحتين وقف الرسام المسن الأكثر شهرة في البلاد، وحول الثانية وقف تلميذه. نظر الحشد بحب إلى وجه الرسام العجوز الواثق والهادئ، وبسخرية وشفقة إلى وجه الشاب المضطرب.
أسدل الستار عن لوحة الرسام المسن. خيّم الصمت الرهيب في الساحة. دُهش الناس بالمرأة بارعة الجمال والتي شع جمالها في الساحة كنور الشمس الساطع. وما لبث وأن خيّم جو رمادي ومكفهر في الساحة، فالنساء خبأن وجوههن خجلاً، ونظر الرجال إليهن وكل واحد منهم كان يقول في نفسه: "كيف أعجبت بذلك الوجه العادي وتلك العيون الحائرة وغير المعبّرة؟!". نظر راعٍ عجوز إلى زوجته المسنة وكانت سمينة ووجهها أحمر ومجعد وفكر قائلاً: "مع هذه المرأة عشت كل العمر!". وهكذا ظل الناس طويلاً يتأملون بحزن جمال المرأة التي رسمها الرسام المسن.
أُسدل الستار عن اللوحة الثانية. لم يصدّق الناس ما تراه عيونهم، لم يصدقوا مدى وقاحة ذلك الشاب. لقد رسم في لوحته زوركا. نعم، زوركا!. تلك الصبية التي تذهب في الصباح للبازار لتبيع سمكاً وخضاراً، زوركا التي تعمل ظهراً في حديقة بيتها وفي المساء تحلب العنزة!، ومع هذا كله فهي نقف بجانب تلك المرأة رائعة الجمال! هاج الناس وصاح أحدهم: "اضربوه!". الكل صاح وضاج.
فجأة اختفت الضجة وساد الهدوء. قال شاب لآخر:
أتعرف، لم ألاحظ أبداً من قبل بأن زوركا رائعة بهذا الشكل".
أحاب الآخر:
"غريب!، حتى أنني لا أستطيع أن أزيح نظري عنها".
كانت زوركا في اللوحة تنظر إلى الناس وابتسامة عامرة بالفرح تلعب على شفتيها، كان كل ما فيها يشع بالفرح والسعادة وكأن حبيبها، وبشكل لا ريب فيه، يقترب منها ويهمس لها: "زوركا، أحبك!".
تأمّل الناس طويلاً في اللوحة. نسوا بأنها زوركا التي تبيع في البازار، لم يلاحظوا بأنها عادية الجمال وليس فيها شيئاً مميزاً. بل تذكر كل منهم أجمل لحظة في حياته، وهي اللحظة التي نظر فيها حبيبه إليه تماماً نفس النظرة التي ترتسم على وجه زوركا الآن "عيون مشرقة في وجه من يحب". سطع النو ر من جديد في الساحة، نظر الراعٍ العجوز إلى زوجته ذات الوجه الأحمر والمتجعد، ابتسم لها بحب وكان أول من صاح في الساحة:
إكليل الغار....للرسام الشاب